روائع مختارة | روضة الدعاة | تاريخ وحضارة | غزوة بدر.. تجربة النصر الأولى

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > تاريخ وحضارة > غزوة بدر.. تجربة النصر الأولى


  غزوة بدر.. تجربة النصر الأولى
     عدد مرات المشاهدة: 3829        عدد مرات الإرسال: 0

الحمد لله والصلاة على رسول الله وبعد:

شهر رمضان شهر النصر، وشهر الصبر، حقق المسلمون فيه النصر المؤزر على أعدائهم وقهروهم في معارك عديدة في بدر وفتح مكة وحطين وعين جالوت وغيرها.

لكن لغزوة بدر خصوصية مطلقة حيث كانت أول تجربة نصر للمسلمين وأول طعم للغنائم للمسلمين سماها الله سبحانه يوم الفرقان لأنه فرق بين الحق والباطل وبانت لأول مرة في تاريخ الإسلام بوارق الحق بصورتها الجديدة.

ومن المعلوم أن أول تجربة ناجحة للإنسان هي أهم تجاربه وهي التي ترسم له طريقه وتحدد له ملامح حياته فهو دائما يفخر بها ويحاول أن يتمثلها ويقلدها.

ومن المعلوم أن أول تجربة ناجحة في حياة الأمة هي أهم تجاربها وهي التي ترسم لها طريقها وتحدد لها معالمها وهي دائما تذكرها بفخر واعتزاز.

وغزوة بدر أول تجربة ناجحة في حياة هذه الأمة ما زلنا نذكرها بفخر واعتزاز بل إن الله جعل حيثياتها قرآنا يتلى إلى يوم القيامة.

وغزوة بدر هذه وكونها أول تجربة ناجحة لا بد من دراستها من كل أطرافها وكل أبعادها وكل مفاصلها حتى يتسنى للمسلمين تكرار هذه التجربة مرة أخرى.

في الحقيقة كلنا يعرف قصة غزوة بدر من خروج المسلمين لاسترداد بعض من حقوقهم من قافلة تجارة لقريش إلى خروج قريش لتحمي تجارتها إلى التقاء المسلمين والمشركين في عين تسمى بدرا إلى أن نصر الله المسلمين وأخذوا الغنائم وقيدوا الأسرى.

لكن الذي يجب أن نقف عنده نقاط عدة:

1- من المعروف أن الغزوة وقعت في السنة الثانية للهجرة أي بعد خمسة عشر عاما من ابتعاث النبي عليه الصلاة والسلام.

فلا بد أن نعرف خلال هذه الفترة التي سبقت هذا النصر بماذا قضاها النبي عليه السلام حتى قطف المسلمون النصر وبماذا قضاها أصحابه الكرام، فالفترة التحضيرية مهمة جدا لأن النصر يحتاج إلى تحضير جيد واستعداد متميز، ويحتاج إلى رجال تستحق النصر وتحميه.

فلو رحنا نستعرض أهم الأعمال التي قام بها النبي عليه السلام خلال هذه الأعوام التي سبقت هذه الغزوة لوجدنا متمثلة في نقاط أساسية:

أ – تصحيح عقيدة الناس: فالنبي عليه السلام لبث في مكة ثلاثة عشر عاما كان يركز فيها على تصحيح عقيدة الناس وتوجيههم إلى عبادة الله الواحد الأحد، وأنه هو القادر وهو القاهر وهو المقصود وهو الغني، لا واسطة بينه وبين عباده، يبعث الخلائق يوم القيامة فيدخل من أطاعه الجنة ومن أشرك به النار ومن عصاه هو في مشيئته إن شاء غفر له فيدخله الجنة وإن شاء أدخله النار.

ولبث على ذلك الفترة المكية كاملة وكانت الآيات القرآنية تنزل على قلبه المبارك مؤيدة لموضوع تصحيح العقيدة فنزلت " قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد " ونزلت سورة المدثر وسور اقرأ و غيرها من السور التي تركز على وحدانية الله الواحد الأحد وتتكلم عن صفاء العقيدة ونقائها.

وكان لذلك الأثر الواضح في حياة الصحابة فانتقلوا من ذل الوثنية إلى عز الوحدانية، ومن تعدد الآلهة إلى وحدانية الإله الواحد، فارتقوا وسموا وحلقوا وجهزوا أنفسهم لتلقي أوامر الله سبحانه.

ب – إحياء دور المسجد: حيث أن المسجد هو القلب النابض للأمة وعصب حياتها، يدخله الإنسان وفي قلبه خشية لله، ويتعلم فيه المتعلم وعنده رقابة لله، يجمع الفقير والغني والرئيس والمرؤوس، والحر والعبد، فيربط القلوب ببعضها، وتستوي الصفوف فيه فتتآلف القلوب.

فكان من أول أعمال النبي عليه السلام بناء هذا الصرح الإسلامي العظيم على بساطة بنائه وقلة امكاناته ولكنه كان العمود الفقري لأمة الإسلام فهو مكان العبادة والعلم والقيادة والتوجيه، تسمو فيه الروح، ويتأدب فيه الجسد، وتشحذ فيه الهمة, فينطلق الفكر محلقا يبحث عن حلول لهذه الأمة.

جـ - تجسيد الأخوة في الله تطبيقا على أرض الواقع: حيث آخى الإسلام بين المهاجرين والأنصار وتحققت كلمة المدح التي امتدح الله بها المؤمنين بقوله " إنما المؤمنون إخوة "

ولم تكن مجرد شعار يرفع، وطبول تقرع، بل كانت أخوة لا مثيل لها في تاريخ البشرية جمعاء.

هذه هي الأمور الأساسية والتمهيدية لتجربة النصر الأولى في حياة المسلمين.

والمسلمون اليوم إذا أرادوا أن يكرروا هذه التجربة لا بد من تحقيق هذه الأمور الثلاثة

فلا بد من تصحيح للعقيدة فلا وساطة بيننا وبينه سبحانه، ولا قادر غيره ولا حاكم غيره ولا مقصود غيره ولا بد أن يتوجه المسلمون إلى هذا الأمر ولا سيما الدعاة حتى تتضح للناس العقيدة السليمة والصحيحة

إن هناك الكثير الكثير من المسلمين ما زلوا يأوون إلى القبور ويلتجؤون إليها، والكثير منهم مازال يأنس إلى الأبراج ويرى طلعه فيها.

إننا في الحقيقة لن ننتصر إلا بعقيدة الإسلام الصحيحة التي كان عليها رسول الله وصحابته الكرام.

ولا بد من إحياء دور المساجد لأنها الطريق المعبدة لنصر لا خيانة فيه ولا حسد فيه ولا محسوبيات فيه فهو نصر لله ونصر من أجل الله ونصر في سبيل الله، ولا بد من زيادة الترابط بين أفراد المسلمين حتى يكونوا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى

2 – الهدف الواضح للمعركة:

عندما تكون الأهداف واضحة يجد الإنسان السبل للوصول لها وعندما تكون الأهداف طائشة يتشتت الإنسان في وسائله فيضيع ويضل.

فالمسلمون كان لهم هدف قريب هو استرداد بعض من حقوقهم، ولما لم يفلحوا وفر أبو سفيان بالعير تحول الهدف للدفاع عن عقيدتهم ودينهم ونبيهم لما سمعوا قدوم قرش إليهم.

أما قريش فكانت أهدافها مجرد إظهار القوة ومجرد استعراض لها حتى إن النبي قال " لقد رمتكم قرش بفلذات أكبادها " وهذا الهدف الطائش عبر عنه زعيم الجهل أبو جهل عندما قيل له تعال نرجع فقد نجت العير والتجارة فقال: " و اللات و العزى لا نرجع حتى ننحر الجزور ونطعم الطعام وتغني لنا القيان فتسمع العرب بنا فلا يزالون يهابوننا "

هذه أهداف المسمين وهذه أهداف المشركين:

واليوم لابد أن تكون أهداف المسلمين ضمن هذه الأهداف الواضحة حتى يكرروا تجربة النصر بإذن الله وحوله.

إن غزوة بدر تمثل تجربة النصر الأولى لدى المسلمين وهي تجربة فريدة من نوعها، متميزة بتحضيرها ونتائجها وحتى الآن مازالت إشراقاتها في مكامن التاريخ فلا بد من دراستها الدراسة المتأنية والدقيقة حتى نكرر تجربة النصر بعون الله
 

الكاتب: م. عبد اللطيف البريجاوي

المصدر: موقع عودة ودعوة